مملكة القصص والسرديات مملكة القصص والحكايات ( الجزء الاول) التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مملكة القصص والحكايات ( الجزء الاول)

مملكة القصص والحكايات ( الجزء الاول)

 


مملكة القصص
مملكة القصص


مملكة القصص والحكايات  ( الجزء الأول)

كان ياما كان في سابق العصر والأوان، في مملكة القصص الغامضة، حيث تلاشت الحدود بين الواقع والخيال، كانت هناك مكتبة لا مثيل لها، لم تكن هذه المكتبة مجرد مستودع للكتب؛ لقد كانت كيانًا حيًا يتنفس، عبارة عن سلسلة من الحكايات والأحلام والذكريات المنسية. كانت المكتبة تقع في قلب المملكة، وأبراجها الشاهقة تصل نحو السماء. وزيّنت جدرانها بالجداريات التي تصور مشاهد من الملاحم القديمة، والأسرار الهامسة، وضحكات الأطفال السارحة في صفحات قصصهم المفضلة. كان الهواء في الداخل مثقلًا برائحة الورق والحبر والوعد بالمغامرة.
في هذا الملاذ السحري، لم يكن أمين المكتبة إنسانًا عاديًا، كانت اسمها ليرا، وكانت تمتلك القدرة على الدخول في الروايات ذاتها التي ألّفتها، كلما فتحت كتابًا، دخلت عالمه، وصارت جزءًا من نسيجه، يمكنها التحدث مع التنانين، والرقص مع الجنيات، والمبارزة مع القراصنة المتعجرفين - كل ذلك داخل حدود المكتبة.
في أحد الأيام، عثر مسافر مرهق يُدعى إيمون على مملكة القصص. اتسعت عيناه وهو يدخل القاعة الكبرى، حيث امتدت الرفوف إلى ما لا نهاية في كل اتجاه. كل كتاب يحمل عالماً ينتظر من يكتشفه. تسارع قلب إيمون فهو لم يسبق له أن رأى مثل هذه الأعاجيب. استقبلته ليرا بابتسامة العارف وقالت:
_مرحبًا أيها المتجول.
_ما هي القصة التي تبحث عنها؟
تردد إيمون ثم اعترف قائلاً:
_أريد أن أجد قصة حياتي.
_لقد ضللت طريقي، وآمل أن مملكة القصص يمكن أن ترشدني.
قادته ليرا إلى مجلد مغبر بعنوان "كتاب المرايا" كان غلافه يتلألأ كإنعكاس الضوء على الماء الساكن.
قالت:
_هذا يحمل سجلات النفوس، افتحه وسترى ماضيك وحاضرك وخيوط مصيرك.

تتبع إيمون الحروف الذهبية بأصابعه المرتجفة وفتح الكتاب عندها تكشفت حياته أمامه، كانت نسيج من الفرح والحزن والفرص الضائعة. لقد رأى الفتاة التي أحبها، والأحلام التي تخلى عنها، والطرق التي لم يسلكها "ولكن ماذا عن المستقبل؟"
سأل إيمون:
_هل يمكنني تغييره؟
تألقت عيون ليرا:
_بالطبع، هذا هو جمال مملكتنا. الوقت هنا مرن والخيارات التي تتخذها داخل هذه الصفحات يتردد صداها عبر العوالم أجمع. اكتب نهايتك الخاصة.
هنالك شرع إيمون في التجول داخل الكتاب، أبحر مع قراصنة السماء، وفك ألغازًا غامضة، وواجه أعمق مخاوفه على طول الطريق. التقى بشخصيات تعكس صراعاته الخاصة؛ الفارس المكسور الذي يبحث عن الخلاص، والأميرة المفقودة التي تتوق إلى الهدف، والمهرج الذي أخفى ألمه وراء الضحك.
عندما ادرك إيمون القصة بكل جوانبها، اكتشف أن مملكة القصص كانت أكثر من مجرد مكتبة، كانت مرآة تعكس التجربة الإنسانية. فكل حكاية تحمل درسًا، أو وحيًا، أو فرصة للخلاص لكي يعيد كتابة حكايته، وجد إيمون العزاء والقوة.
لكن المكتبة كان لها قواعدها، لم يستطع إيمون أن يبقى إلى الأبد وعندما أغلق الكتاب عاد إلى القاعة الكبرى والدموع في عينيه فاحتضنته ليرا وهمست قائلة:
_تذكر أنك تحمل السحر بداخلك
عاد إيمون إلى العالم الحقيقي، ولكنه تغير إلى الأبد، أخذ يتجول في الأرض، يشارك القصص، يلهم الآخرين، ويبحث عن الاستثنائي في الأمور العادية. وكلما شعر بالضياع، كان يغمض عينيه ويتذكر مملكة القصص؛ المكان الذي يرقص فيه الخيال مع الواقع، وتحمل كل صفحة فيه الوعد ببداية جديدة.
وهكذا عزيزي القارئ، إذا صادفت يومًا مكتبة قديمة ذات أبراج تلامس السماء، فاعلم أنك تقف على عتبة مملكة القصص والسرديات، افتح كتابًا، فربما تجد حكايتك أنت في انتظارأن تكتبها.




















تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بعض الظن قصة قصيرة

سوء الظن يورث الندم جلس كعادته بالقهوة على الرصيف ليتابع النساء العابرات بالشارع،  ليتغزل بهن  بعبارات خارجة احياناً طلب الشاي ووضع ساق على الاخرى واتكأ على الكرسي بتعالي، مرت من امامه بهية الطلة اعتدل  في جلسته، رمى كلمتين غزل، لم تلقِ له بال، لكنه هب واقفاً وضع الحساب تحت الكوب نصف الممتلئ، وهرول خلفها الى الشارع الضيق.  تلبس عباءة ضيقه وتتحدث في الهاتف المحمول ودخلت الممر، لابد وأن هذه دعوة للحاق بها، إتبع ظنه أسرع الخطى ليقترب منها بينما هدّأت هي من مشيتها، سمع  حديثها فتصنت، _لم  تصل الحوالة، هذه هي المرة الثالثة ولم تصل ... انا لا اكْذّبك لكنها لم تصل ونفذ كل ما معي ولم أجد عمل بعد ... ارتفع صوتها: لا، لن اطلب من أهلي مال، كفى، ألست زوجي و نحن مسؤوليتك ... أنا لا اتشاجر، لكن لم يعد معي ما أطعم به أبنائِك ولا أجد عمل ... وقفت واحتد صوتها: انت الذي لا يُقّدر ولا يشعُر انت تعلم أني مريضة و لقد تورم جسدي من العلاج ولم تعد ملابسي تناسبني ، أنا ألبس عباءة امي ماذا أفعل أنا؟  الو ...الو استدارت  رأى الدموع تملأ وجهها  ثم عادت واكملت طريقها بين...

حكاية مغنواتي ( قصة قصيرة) الجزء اﻻول

الحلقة الاولى أبدأ الحكاية من أين؟ فليكن من حيث بدأت هي ان تحكي لي حكايتهم وما حدث قبل ذلك بيننا اعتقد يمكن تداركه بعد ذلك،  ففي النهاية انا احكي قصتهم معا وليس معي. جلست امامي وهي في حالة انفعال شديدة، حاولت تهدئتها واعدت لنا كوبين من الكاكاو البارد عسى ان يهدئها قليلا حولت التلفاز على قنوات الراديو واخترت البرنامج الموسيقي على امل ان يكون هناك موسيقى هادئة تساعدها، كان البرنامج يذيع منوعات غنائية فرنسية جميلة ورومانسية جذبت انتباهها وسرحت بها لدقائق وهي تمسك بكوب الكاكاو ترشف منه دون ان تتذوق طعمه ثم حوّلت نظرها اليّ بعد دقائق وسألتني: هل انا انسانة سيئة في نظرك؟ اصدقيني القول ولا تجامليني وقبل ان اجيبها أكملت: اعرف ان صدقتنا عمرها قصير ولكن انت أصبحت أقرب لي من اختي وانا اثق بك كثيرا واثق في رأيك وحكمك على الأشخاص لذا سأحكي لك الحكاية من البداية ثم تجيبي عن سؤالي بصدق من أين ابدأ الحقيقة لا اعرف سأحكي لك ما اتذكره الآن، اول لقاء لنا بعد سنوات من التخرج لقد تخرجنا من نفس الكلية؛ كلية تجارة، وعلى الرغم من أنى كنت أكره الأرقام كثيرا الى أنى أحببت الكلية جدا ،ويهيأ لي ان السبب هم ...

حكاية مغنواتي المقدمة (قصة قصيرة)

المقدمة لا أعرف هل يجوز لي أن أحكي قصة أشخاص أعرفهم أم أن هذا ظلم لهم لكن ما أعرفه أن حكايتهم تتكرر كثيرا وليست بالشيء الجديد ولطالما شاهدتها مرارا مع أناس كثر قابلتهم في حياتي وتعبت من كثرة تكرارها، وتعبت من أن أحد لا يتعلم من أخطاء غيره. لذا فكرت أن ربما السبب أنهم لا يعرفون شيء عن غيرهم وأخطائهم، وكل البشر يعيشون في جزيرة منفصلة، ربما لو علِموا أخطاء وتجارب غيرهم لتعقّلوا قليلا ولم يظلموا أنفسهم ومن حولهم ، ربما هذه القصة تمنح الحيارى بعض من الأجوبة لكثير من الأسئلة، لا أعرف اذا كان اصحاب القصة ظلموا أنفسهم أو برؤها، فما اكتبه هو وجهة نظرهم للحقيقة فقط، لذا كل ما أستطيع أن أعد القارئ به هو أني ألتزم بحكايتهم كما قصّوها عليّ يوما بعد يوم وسأحاول الالتزام بمرادفاتهم قدر استطاعتي لأني لم أسجل محادثاتهم معي ولم أكتبها في وقتها لذا أرجو أن يسامحوني عندما تتسلل لغتي ومرادفاتي إلى حكايتهم، لن أذكر الأسماء الحقيقة لأصدقائي لذا لا داعي للتذاكِ من أحد، ولربما ظن البعض أن هذه قصتهم لأنها كما ذكرت كثيراً ما تتكرر. لا أعرف كيف دخلت حياتهم أو كيف دخلوا هم حياتي، نحن لا نركّز كثيرا على كيف تقابلن...